الزراعة المائية هي طريقة لزراعة النباتات دون استخدام أي تربة، إذ أنها تزرع بمحلول مغذي يوفر العناصر الغذائية المعدنية اللازمة للنمو، وتحصل النباتات على كل تغذيتها من خلال هذا المحلول المغذي الذي يتم توفيره لجذورها.
تتراوح الزراعة المائية بين زراعة مجموعة صغيرة من الأعشاب في المطبخ وصولاً إلى العديد من النباتات في عملية تجارية واسعة النطاق، ويمكن للأشخاص الذين لديهم مساحة خارجية محدودة أو ليس لديهم مساحة خارجية كسكان المدن الذين لا يمكنهم امتلاك حديقة خارجية يجدون الزراعة المائية مفيدة بشكل خاص.
هناك أنواع كثيرة من النباتات التي تنمو جيدًا في الزراعة المائية، ومنها الأعشاب والخس والورقيات والطماطم والفلفل والفراولة، لكن يجب تجنب استخدام الزراعة المائية لبعض أنواع من النباتات التي تنمو طويلًا مثل الذرة أو النباتات التي لها جذور عميقة مثل البطاطس.
طريقة عمل الزراعة المائية
تحتاج النباتات ثلاثة عناصر رئيسية للنمو وهي:
- العناصر الغذائية الأساسية
- الماء
- أشعة الشمس
في الزراعة التقليدية تلعب التربة دورًا لتأمين الدعم للنبات في انتصابها للأعلى وحماية الجذور وتعمل كخزان للمياه والمغذيات، لكن في نظام الزراعة المائية تُستَبدل التربة بالمحلول المائي الذي يزود الجذور مباشرةً بالمغذيات ويحافظ على تغذية النبات وترطيبه، بينما تحاكي حلول الإضاءة التكميلية ضوء الشمس.
الاحتياجات الأساسية للزراعة المائية
لا تختلف العناصر الأساسية لأنظمة الزراعة المائية مهما اختلفت أساليب هذه الأنظمة، وهذه العناصر هي:
المياه العذبة
تحتاج النباتات التي تزرع عن طريق الزراعة المائية إلى مياه مفلترة بدرجة حموضة متوازنة، إذ تميل معظم النباتات إلى الماء الذي يحتوي على درجة حموضة حوالي 6-6.5 ويمكن ضبط حموضة المياه باستخدام المحاليل المتاحة دون وصفة طبية الموجودة في الأجهزة أو الحديقة أو متاجر الزراعة المائية.
الأوكسجين
في الزراعة التقليدية يمكن للجذور الحصول على الأوكسجين اللازم للتنفس من فتحات الهواء في التربة، وفي الزراعة المائية يجب ترك مسافة بين قاعدة النبات وخزان المياه، أو تُستَخدم مضخة أوكسجين داخل الوعاء الذي يُزرَع فيه، وهو شبيه بذلك الذي يُوضَع في أحواض السمك لإنتاج الأوكسجين.
دعم الجذر
في الزراعة التقليدية يقوم التراب بدعم الجذور ويحافظ عليها، لذلك في الزراعة المائية يجب تأمين بديل عن التراب لدعم جذور النبات، وتشمل هذه البدائل مواد مثل الفيرميكيولايت والبيرلايت والطحالب وألياف جوز الهند والصوف الصخري، ويجب تجنب المواد التي قد تنضغط مثل الرمل أو التي لا تحتفظ بأي رطوبة مثل الحصى.
العناصر الغذائية
تحتاج النباتات في الزراعة المائية إلى الكثير المعادن مثل المغنيسيوم والفوسفور والكالسيوم والعناصر الغذائية الأخرى للبقاء بصحة جيدة ومنتجة، تمامًا مثل النباتات التي تنمو في الأرض والتي تحتاج إلى تربة صحية وسماد، فعند زراعة النباتات بدون تربة أي بالزراعة المائية يجب تضمين هذا الغذاء النباتي في الماء الذي يغذي النباتات، ويمكن صناعة محلول المغذيات بسهولة عن طريق شراء الخلطات من المتاجر الخاصة.
الضوء
عند زراعة النباتات في الداخل، يجب تأمين الإضاءة الخاصة البديلة عن ضوء الشمس، ولكل نوع من النباتات متطلبات مختلفة لمقدار الضوء الذي تحتاجه ولتثبيت الأضواء يُستَخدم الضوء اليومي المتكامل.
توجد أيضًا عناصر أخرى يجب مراعاتها أثناء زيادة تطور المزارع المائية على سبيل المثال مكملات ثاني أكسيد الكربون.
ومن خلال مراقبة هذه المتغيرات الرئيسة وتعديلها يمكن البدء في اكتشاف ما تحتاجه النباتات بدقة لتزدهر وتكرار هذه الظروف لكل نمو في المستقبل.
فوائد الزراعة المائية
تُعدُّ الزراعة المائية (أي الاستغناء التربة) اكتشافًا ثوريًا فهي تسمح للمزارعين بإنتاج الغذاء في أي مكان في العالم وفي أي وقت من السنة وصافي محاصيل أعلى بموارد أقل. وفي حين تشهد مواسم ومناطق النمو تغيرًا كبيرًا في المناخ، وفي الوقت الحالي ومع تغير درجات الحرارة وتغير ظروف النمو معها وحتى في الظروف العادية هناك الكثير من الأماكن التي لا تكون فيها الأرض ملائمة للزراعة مثل الصحارى، فيتم اللجوء لشحن معظم الخضروات إليها من مناطق بعيدة وتفقد قيمتها الغذائية وجودتها على طول الطريق.
لكن عند استخدام الزراعة المائية يمكن إنشاء أنظمة غذائية محلية، وقد تم إنشاء مزارع الحاويات الخاصة في المجتمعات والمناطق التي لا يمكن الزراعة بتربتها.
ومن الممكن أيضًا وضع مزرعة مائية خلف المطاعم التي تريد منتجات طازجة، وعندما تزرع في الزراعة المائية لا يتعين عليها التوقف مؤقتًا حسب الموسم، أو المخاطرة بخسارة المحاصيل بسبب سوء الأحوال الجوية.
ونظرًا لأن الجذور بالزراعة المائية تغمرها جميع العناصر الغذائية التي تحتاجها فهي تنمو بشكل أسرع من النباتات التي تزرع بالتربة، فإن النباتات المزروعة بالتربة تقضي وقتًا أطول في النمو ووقتًا وطاقة أكثر لتبحث جذورها عن الغذاء في التربة، وتختلف معدلات النمو بناءً على نوع النظام وجودة الرعاية لكن بشكل عام فالنباتات المائية يمكن أن تنضج بنسبة تصل إلى 25% أسرع من تلك النباتات المزروعة في التربة.
أيضًا، تحتاج أنظمة الزراعة المائية مياهًا أقل من الأنظمة التقليدية القائمة على الزراعة في التربة، حيث يمكن توفير ما يصل إلى 98% من المياه أقل من الأنظمة التقليدية القائمة على التربة، وذلك لأن الزراعة المائية تكون داخل حاويات مغلقة فهي لا تخضع لنفس معدلات التبخر، بالإضافة إلى ذلك يمكن تصفية المياه المستخدمة في أنظمة الزراعة المائية وإضافة مغذيات جديدة لها وإعادتها إلى النباتات مرة أخرى بحيث يتم إعادة تدوير المياه باستمرار بدلاً من إهدارها.
كما أن النباتات المائية الداخلية لا تحتاج أي موارد أخرى كالمبيدات والمواد الكيميائية الأخرى التي قد تكون ضارة، حيث أن المحاصيل المائية محمية من العديد من الآفات والأمراض النباتية الموجودة في الهواء الطلق في المزارع القائمة على التربة.
مساوئ الزراعة المائية
من السهل رؤية مزايا الزراعة المائية. لكن توجد بعض العيوب المميزة. من الضروري فهم عيوب الزراعة المائية لتجنب المفاجآت وتلافي الأخطاء. وفيما يلي بعض مشاكل الزراعة المائية:
تكلفة التأسيس
يُعدُّ تأسيس أو بناء نظام زراعة مائية أكثر تكلفة من المزارع التقليدية، حيث تختلف التكاليف وفقًا لنوع وحجم النظام الذي يتم بناؤه وما إذا كان جاهزًا أو مبنيًا والمميزات التي يتمتع بها.
العرضة لانقطاع التيار الكهربائي
تعتمد أنظمة الزراعة المائية على الكهرباء لتشغيل المكونات المختلفة مثل أضواء النمو ومضخات المياه وأجهزة التهوية والمراوح وما إلى ذلك. لذلك سيؤثر انقطاع التيار الكهربائي على النظام بأكمله.
الحاجة للمراقبة والصيانة المستمرة
تتطلب الزراعة المائية مستوى أعلى من المراقبة والإدارة الدقيقة مقارنة بزراعة النباتات تقليديًا. للحفاظ على بيئة نمو يتم التحكم فيها بعناية، تحتاج جميع مكونات النظام إلى رعاية مستمرة فيما يتعلق بالأضواء ودرجة الحرارة مثلًا بالإضافة إلى العديد من جوانب المواد المغذية مثل الأس الهيدروجيني والتوصيل الكهربائي. وتحتاج أنظمة الزراعة المائية أيضًا إلى تنظيفها واستبدال المواد الغذائية بانتظام وصيانة أجزاء النظام كثيرًا لمنع التراكم والانسداد.
الأمراض التي تنقلها المياه
نظرًا لأن النباتات المزروعة في الماء تُزرع في الماء بدلاً من التربة، فإن الأمراض التي تنقلها المياه أعلى بكثير. ومع تداول الماء باستمرار عبر النظام، يمكن أن تنتشر العدوى بسرعة في جميع أنحاء نظام النمو ككل، مما يؤثر على المجموعة الكاملة للنباتات. وفي الحالات القصوى، يمكن للأمراض المنقولة بالمياه أن تقتل جميع النباتات في نظام الزراعة المائية في غضون ساعات.
سرعة تأثر النباتات
تحمي التربة الجذور من التغيرات الشديدة في درجات الحرارة، وتبطئ الأمراض والآفات من الهجوم وتطلق العناصر الغذائية وامتصاصها بانتظام. ولكن عند عدم وجود تربة لتكون بمثابة حاجز، تتفاعل النباتات المزروعة في أنظمة الزراعة المائية بشكل سلبي مع مشاكل مثل نقص المغذيات والأمراض بشكل أسرع.